عصفور وجراده
انت في الصفحة 5 من 5 صفحات
و لم يلبث أن انقبض و غص صدره عندما سمع التالي واصل الملك الحديث
و إني حضرت لك اختبارا يليق بمكانك و أمر جنوده فدخلوا بثلاثة براميل كبيرة و أردف الملك قائلا أريدك يا سيد العصفور أن تخمن ما في هذه البراميل الثلاثة المغلقة اسود وجهه و أظلمت عليه الدنيا و ارتعدت أطرافه و هو يرى سيده الملك محمرا وجهه سرورا به و ثقة فيه و زوجته الجرادة التي تعض على أناملها من الخۏف و ملك البلاد المجاورة الذي ينظر إليه متحديا و اتجهت إليه كل العيون تنتظر الجواب بشغف بالغ لقد حوصر تماما ماذا يفعل هل تخلى عنه الحظ بعد أن سكنت له نفسه و في أشد ما يكون حاجة إليه
و لم يفق إلا على يد الملك ټضرب كتفه و وجهه متهلل كالبدر أحسنت .. أحسنت علت التصفيقات و الزغاريد و انهمرت عليه التهاني من كل حدب و صافحه الملك و هنأه على نفسه و هنأ عليه ملكه و أجزل له العطايا و هو نفسه لا يصدق نفسه و كأنه في غيبوبة إنهالت عليه تهاني الوزراء و إطراءاتهم و طلب منه الملك زيارته في مملكته و كانت زوجته الجرادة أكثر ما يكون فخرا بنفسها أمام بقية النساء فقد أصبح زوجها الغبي من الحاشية الملكية و أكثر ما يكون منهم إلى الملك قرابة .
و حكاية الجرادة و العصفور هذه إحدى الحكايات الشعبية التونسية ورثها عنهم المهاجرون الجزائريون في أيام الاحتلال الفرنسي و هم يروونها لأبنائهم و أحفادهم يتناقلونها كابرا عن كابر و لا أدري إن كانت هذه القصة لا تزال تحافظ على شعبيتها في وطنها الأم و لكنها مع ذلك ما تزال تتمتع بحظوة لدى الأوساط الريفية أين تعايش الجزائريون مع التونسيين في ذلك الوقت ..