رواية لهيب الهوى بقلم شيماء الجندي

موقع أيام نيوز

-

ابتسمت بهدوء ثم انتقلت إلى جانبه مباشرة تتمدد على جانبها ملتصقة به تسند رأسها إلى يدها ويدها الأخرى تستند إلى صدره إلى ان سمعت صوت أحد الإشعارات على هاتفها لتعقد حاجبيها باندهاش من له أن يراسلها بذلك التوقيت الباكر !!

أمسكت الهاتف لتعتدل بلحظة تتسع عيناها تدريجيا وهي تعيد قراءة السطور برعب تشعر أنها تخنتق.. رباه.. إنها صور حادث والدها ووالدتها مصحوبة ببعض الكلمات السامة من ذلك البغيض … أو بمعني أدق تهديدات… كيف وصل إليها لقد حذرها أيهم أن تتواصل بذلك الهاتف مع أحد سواه.. وهي فعلت …!!

سالت الدموع من عينيها وهي تحاول الوقوف باتزان لاستيعاب ماقرأته لتعيد تمرير عينيها مرة أخرى على كلماته.. “سوري ياروحي أنا عارف إنك مش حابة تشوفيني بس بعد شوية الحاجاات اللي هتوصلك الأيام دي هتغيري رأيك في حاجات كتير أوي وهتتأكدي إني الوحيد اللي بحبك … أكيد فاكرة حادثة أهلك … اسألي حبيب القلب كده كان فين وقتها !!او بمعني أوضح كان بيعمل أيه في مكان الحادثة !! … آه متحاوليش تفهميه إنك على تواصل معايا عشان عمر يفضل في أمان مش هو عايش برضه !! ”

نظرت إليه ثم إلى الهاتف برعب لتجد جسده بدأ بالحركة يبدو أنه بدأ يستيقظ … أصابها الغثيان فجأة لتنطلق مسرعة إلى مرحاض الغرفة مغلقة الباب خلفها بغضب.. أفاق على الفور بفزع … لحظات ليستوعب أنها بالتأكيد هي من فعلت ذلك فمن سواهم بالغرفة أمسك هاتفه يتفقده ثم استغرق لحظات يراسل أحدهم !!

خرجت وهي تمسك المنشفة تجفف وجهها الشاحب بشرود تام … اندهش حين وجدها تنظر هكذا للفراغ ليقف متجها إليها وهو يقول بصوت متحشرج:

-صاحية من بدري ياحبيبتي !!

نظرت إليه بضياع صامتة تبحث عن كلمة تجيبه.. تريد أن تفهم مامعنى تلك الرسالة اللعينة … وقف مواجها لها يحيط وجهها بكفيه مقبلا جبهتها يقول بقلق:

-أيه يارنيم مالك كده … !!

انطلقت الدموع من عينيها تردد الكلام دفعة واحدة وقد شعرت بروحهاا تكاد تفارقها من فرط قلقها تقول:

-كنت فين يوم الحادثة !!

عقد حاجبيه بعدم فهم يحاول استيعاب كلماتها.. عن أي حادث تقول !! لتكمل حين رأته متعجب موضحة له:

-يوم حادثة بابا !!

تبدلت ملامحه على الفور يضيق عينيه وهو يقرب وجهه منها ناظرا داخل عينيها مباشرة … لتتوتر نظراتها مشيحة بوجهها بعيدا عنه وقد غامت عينيها بوجع أليم … رفع أصابعه يدير وجهها له وهو يقول وقد بدت بوادر الغضب على نبرته …

-أيه اللي فكرك بيها دلوقت !!

غضبت من ثقته الزائدة بل واستجوابه لهاا كيف له أن يمتلك تلك الحراسة !! احتل الغضب ملامحها الرقيقة تصيح غاضبة:

-هو ده كل اللي يهمك … أنا مش بنسى عشان أفتكر !! كنت فيين ساعتهااا !!! انت قولتلي إنك طلبتني من بابا قبلها !!

جذبها بغضب من ذراعها يصيح بها غاضبا وهو يجز على أسنانه:

– إياكِ صوتك يعلى عليا يارنيم !! طبعا يهمني لما ألاقي مراتي فجأة بتستجوبني طبيبعي أستغرب !!

نظرت إلى عينيه التي تتفاقم بالغضب مشتعلة بطريقة دبت بها القشعريرة لتقول هامسه بوهن متجاهلة ذلك الألم من شدة قبضته:

-كنت بتعمل أيه هناك يا أيهم !!

اتسعت رماديتاه بصد@مة ليزمجر بغضب قائلا وهو يهزها بعنف:

– إنتي مين قالك الكلام ده !!! مييين كلمكككك !!!

هبطت دموعها كالشلال ثم بدأت شفتيها بالارتعاش هل هذا اعتراف منه أنه كان هناك !! لما غضب هكذا.. ارتعش جسدها وهي تهمس:

– كنت بتعمل أيه هنااك يا أيهم !!!!

تركها حين أصبحت بتلك الهيئة مؤنبا نفسه من تعنيفه لها ممسكا برأسه ثم دار حول نفسه يقول بغضب مشتعل:

– مين كلمككككك !! عايزه توصلي لأيه !!!

صاحت هي الأخرى من بين دموعها بغضب:

-عايزه أعرف كنت بتعمل أيه هنااااك !! أيه علاقتك بالحادثة!!

التفت يصيح بها غاضبا:

-اشمعنا دلوقتتتت … هتفرق في أيه !!!

لم تسمتع واقتربت تلكزه بغضب وهي تصيح من بين دموعها:

-كنت بتعمل أييييه هناااااك !!

سيطر عليه الغضب بشدة ليصيح بها بعنف وجنون:

– أنا اللي خبطتهممممم !!!

اتسعت أعينها بهلع شعرت بالشلل يتملك من جميع أطرافها تنظر إليه بصد@مة شديدة وكأنها لا تصدق ما سمعت توقفت أنفاسها وهي تجزم أن نبضاتها قد توقفت مع جميع أنحاء جسدها … هل هو !! هو من حرمها منهم !!! لا لا هل هو من صدمهم !!!

أغمض عيناه بعنف حين رأى نتيجة كلماته عليها.. من الواضح أنه فقدها بتهوره لكن لا مانع من محاولة شرح !!

اقترب منها ليتفاجأ بها تنسحب للخلف وهي تحدق به برعب وكأنها شيطان اقترب وهي تعود ليهمس أمام نظراتها التي أصابته بمقتل …

– رنيم أنا مليش ذنب !! انااا آآ!

-انت تخرس خاالص !!

صاحت غاضبة وقد استجمعت ما تبقى من جرأتها لتتقدم منه تكمل:

– كل ده كان كدب مش كده !! اتفقت عليا انت وأخوكككك !! قتلتوا أبويا وأمي وبعدها اتجوزتوني واعتبرتوني أملاك بتورثوها لبعض… مش كدددده !!!!!

نطقت كلماتها وهي تضريه بقبضتها أعلى صدره بكل ما تملك من قوة ضربات متتالية مع كل كلمة !! ليمسك يديها وقد أصعقه تفكيرها يقول غاضبا:

-إنتي اتجننتي !! إزاي تفكري كده !! أنا وشهاب ممكن نعمل كده !! إنتي متعرفيش أيه اللي حص.آآآ!!

قاطعته تقول بشراسة وهي تفك أسر يديها منه غاضبة:

– انت كداب وناصف كان عنده حق أناآآآ !!

أمسك فكيها ضاغطا عليها بقوة جعلتها تصرخ متألمة ليصيح بغضب:

– إياكِ تجيبي اسمه قصاادي.. سااامعة !!

أفلتها بغضب وكادت أن تسقط أرضا حين اختل توازنها لكنها استعادته تصرخ به حين أدار ظهره لها:

-أنا هلبس دلوقت وهنزل على القسم وهبلغ عنكككك إنك انت اللي قتلت أهلي !!!!

وقفت تلتقط أنفاسها وهي تزيح خصلاتها التي تبعثرت بغضب للخلف محاولة أن تظهر له قوة وهمية لكن إجابته التي لم تتوقعها أبدا … أصعقتها حين قال وهو يلتفت لها راسما ابتسامة باردة أعلى شفتيه:

– هستني أيه من واحدة جايبنها من مستشفى أمراض عقلية !!

لم تتوقع ذلك …. لم تتخيل ماقال …. فرغت فاهها بصد@مة وهي تحدق به بأعين متسعة وقد سقطت تلك الدمعات اللعينة معلنة عن هزيمتها أمامه ككل مرة … لقد طعنها الآن … يراها مجنونة كالجميع … لقد صدم#مها بحقيقة ظنت أنها أحرقتها مع تلك الأوراق … لكن من الواضح أنها لم تستطع إحراقها من عقله … هبطت دموعها وهي تنسحب بجسدها للخلف محتضنة نفسها بذراعيها … لتراه يدير كامل جسده إليها ولم تستطع أن تقرأ تلك النظرات النادمة استمعت إلى همهماته المعتذرة وهي تحاول أن تبقى صامدة أمامه قدر الإمكان …

حين أوشك أن يقترب اندفعت مسرعة إلى غرفة الأطفال توصدها خلفها ثم سقطت أرضا تكتم شهقاتها وقد شعرت أن حربها لن تنتهي أبدااا … لقد تلقت أشد الصفعات لتوها إلى متى تظل بتلك السذاجة.. !! إلى متى تتركهم ينعتوها بالجنون !! حتى ذلك المعشوق … رأى ما رآه الجميع !! أهي مجنونة حين أرادت حق والديها..!! هو إلى الآن يبحث عن حق أخيه وهي لا حق لها بذلك !!!

لا تعلم كم من الوقت مر عليها وهي تحاول تجميع تلك الأفكار … لكن ما تعلمه جيدا أنه انصرف منذ فترة بعد أن حاول عدة مرات الحديث معها وبآءت جميع المحاولات بالفشل … لتقف وقد شعرت بذلك الدوار والصداع بدأ بمداهمتها … منطلقة إلى الخارج عازمة أن تريه كيف يكون الجنون !!!

تفقدت الأخبار لتجد خبر إفلاس شركات والدها والتي ترأسها ابن عمها وعمها قد تصدى جميع الصفحات والأخبار …لتبتسم هامسة:

– بدأت تخلص حقك يا أيهم !! حلو لما نشوف بقى هخلصه أنا إزاي !!

من الواضح أنها عرفت من أين تبدأ جنونهااا !!!!

-***-

وقف “سيف” يتطلع إلي أخيه الذي يصيح بغضب بالموظفين مُنذ أن أتي صباحًا إلي العمل وهو شديد الإنفعال والغضب..انتظر خروج الموظف المسكين ثم هتف باندهاش:

-في إيه ياأيهم الموضوع غلط غير مقصود من الراجل من مسالهله كل الزعيق والانفعال ده..

زفر بغضب ثم أشح بيده وهو يقول باقتضاب:

-أهو ده أسلوبي اللي مش عاجبه ما يتعاملش معايا..

ضيق “سيف” عينيه وقال بابتسامه عابثه:

-هي رنيم منكده عليك ولا ايه ؟؟!

رفع “أيهم ” حاجبه ليستمع إلي أخيه يُكمل …

– ماهو ده أسلوب واحد مراته نفخااه..

تنهد بإرهاق ثم اعتدل بجسده وهو يهتف بارهاق:

-زفن عرف يوصل لرقمها الجديد وبعتلها حاجه قومت الصبح لقيتها عارفه إني كنت هناك يوم

الحادثه فضلت تستفز فيا لحد ما قولتلها إني كنت هناك يوم الحادثه وإني خبطهم..

اتسعت أعين شقيقه بصدم#مه وهتف بذهول:

-وكدبت عليها ليه ؟؟!! أنت مخبطهومش لكن كنت هناك فعلا لما جتلك مكالمه من أبوها

ومكملش كلامه معاك …

لفظ أنفاسه بغضب وهتف وهو يدس يده في خصلاته بعنف قائلا:

– رنيم بقيت اليومين دول بالها مشغول وأعصابها متدمره معنديش حل غير إني ابعدها عن كل

اللي بنعمله في الكلب ده لحد مانخلص اللي عاوزينه وبعدها هحكيلها كل حاجه..

ارتفع حاجب “سيف” باندهاش وقال بتوجس:

-ومش قلقان تروح لناصف وتبقي في صفه ضدك أنت اكيد عارف التفكير في الأوقات دي مش

بيبقي موجود ولا ليه مكان ده أنت شبه قايلها قتلت أبوكي..

هز رأسه بالسلب وهتف بهدوء وهو يبتسم بشرود:

-تبقي متعرفش رنيم.. رنيم دبوقت هتبقي عاوزه تتحداني وترجع شركات ابوها ليها..

ثم حمحم بتوتر وهتف:

– مش دي مشكلتي معاها.. المشكله إنها لما استفزتني خبطت شويه في الكلام عشان ماقولش حاجه وابوظ اللي بعمله.. بس برضه مكنش ينفع اقولها اللي قولته نظرتها ليا من ساعتها هتموتني ومش خارجه من عقلي ياسيف …

عقد أخيه حاجبيه وهتف بهدوء..

– لا واحده واحده كده وفهمني إيه اللي قولته وقالب حالك كده..

هز “أيهم” رأسه بالإيجاب وبدأ بسرد مادث صباحًا علي شقشقه عليه يعاونه بأفكاره بذلك

المأزق…

رواية لهيب الهوى الحلقة الثالثة والعشرون

نظرت إلى رضيعها الذي يجلس مداعبا شقيقته بالاريكة الخلفيه ثم ابتسمت بهدوء وهي تزيح خصلاتها حابسة أنفاسها حين تعالى رنين هاتفها معلنا عن مكالمة هاتفية منه …. هي بالأساس كانت تنتظر ذلك لتبدأ برد الصاع صاعين له كما يقال … هل ظنوها لقمة سائغة كلا منهم يدهسها ويعبر !
رفضت المكالمة بيد ترتعش.. اندهشت هل تخشاه إلى الآن … لقد شنت حربها … لتثأر لكرامتها اذا.. وضعت الهاتف على وضع الصامت … وألقته بإهمال على الكرسي بجانبها ثم تأكدت من أمان رضيعها بالخلف.. واعتدلت تقود السيارة نحو طريقها المعبأ بالضباب … لكنها اعتادت تلك الطرقات … ألم يقولوا التجربة خير مُعلم !
انطلقت وقد حددت وجهتها جيدااا تعلم من أين تبدأ … أوقفت السيارة ثم نظرت تجاه المربية التي اصطحبتها بطريقها… تلقي إليها تعليماتها المشددة ثم ترجلت من سيارتها واتجهت إلى شركات زوجها الأول “شهااب” …. والتي أصبحت ملكها هي الآن بعد أن نفذت الوصية كما أراد … انطلقت إلى الداخل وقد جذبت جميع الأنظار إليها وكيف يغضون الأنظار عن تلك الفاتنة التي تزداد أنوثة وبهاء بمرور الوقت … لقد تعمدت ارتداء ذلك الفستان القصير الأسود الذي بالكاد يصل إلى فوق ركبتيها الذي طالما أغضبه منها … هي لم تحضر إلى هنا منذ فترة … كانت تتابع معظم الأعمال من منزلها لأمانها كما أراد زوجها العزيز !
وقفت بالأسانسير وهي تعدل من خصلاتها تلقي نظرة رضا عن هيئتها وقد أصبحت عيناها الجميلتان تشع إصرارا لم تكن عليه من قبل.. ابتسمت بهدوء حين انفتح الباب معلنا عن وصولها إلى طابقها … انطلقت تدب الأرض بكعبها وهي تسير باعتدال في الرواق انتبه جميع من حولها لزيارتها المفاجئة تلك بالرغم من تواجد رب عملهم …
اندهشت حين لم تجد مساعدتها بمكتبها لتدخل إلى مكتبها وقد نوت طلبها وتوبيخها…. لكن تواجده عقد لسانها.. هي لم تراه منذ يومين.. بعد معركتهم تلك … تجنبته تماما رافضة جميع الطرق للحديث تهيئ نفسها لما تفعله … استمعت إلى صوته الغاضب الذي على ما يبدو أنه من أجل فعلتها بأخد الرضيع دون علمه بإحدى الحيل …. ابتسمت لإثارة غضبه قبل أن يقشعر بدنها من هيئته حين التفت يحدق بها بشراسة مغلقا الهاتف وهو يقول:
– خلاص متعملش حاجة …
ثم اندفع إليها يقول غاضبا:
– إحنا مش اتفقنا مش هتيجي جنب عمر… لما إنتي عايزه تاخديه ماقولتيش ليه قبلها … إزاي تروحي تكدبي على الأمن.. بتستغلي أوامري ليهم إنك تدخلي ف أي وقت … أنا فعلا غلطان … الولد فين !!
ظلت تحدق بثورته بهدوء ثم اتجهت إلى الأريكة لتجلس.. أسفل أنظاره … لتوه أدرك أنها ترتدي أكثر الثياب التي تغضبه … للتو أدرك أن العديد والعديد رآها بتلك الهيئة صاح بها غاضبا:
-إنتي أيه اللي مهبباه ده … !!!
جلست ببرود تحدق به للحظات ثم ابتسمت بهدوء وهي تقول:
– أولا مش ذنبي إنك عملت اتفاق مع واحدة مجنونة … ثانيا عمر ابني أنااا واخده في أي وقت أنا عاوزاه فيه … ثالثا ياريت تحسن ألفاظك أنا اللي المفروض أسأل بتعمل أيه في شركاتي وأنا مش موجودة !!
اندهش من كلماتها تلك لكنه نظر إليها لحظات ليظن أنها تفعل ذلك غضبا من كلماته وتحاول إغضابه لتنال بثأرها منه فقط … تأفف بغضب ثم اتجه إليها يقول محاولا تهدئة نفسه حتى لا يغضبها أكثر من ذلك … هو نادم وبشدة على جرحها بتلك الكلمة.. لكن عدم ثقتها به بعد كل
تلك المعاناة أغضبته للغاية.. لم يرى أمامه فانطلقت تلك الكلمات دون ارادته …

-رنيم أنا عارف إن مكنش ينفع أقول.آآآ !
وقفت فجأة بغضب تمنع استرساله بالحديث وهي تقول بحزم:
– أنا مش جايه أسألك عن رأيك في جنوني وعقلي أنا جايه عشان هقابل المحامي وياريت تتفضل تشوف شغلك وتسيبني أرجع شركات بابا اللي وقعتها … أنا بقولك عشان ماتسمعش من بره !!
ضيق عينيه باندهاش من تلك الطريقة التي ذكرته بعهدها السابق معه قبل زواجه منها … نظر إليها لحظات يراقب شرارات الغضب التي انبعثت من عينيها له.. لقد عنفها بما يكفي تلك النظرات التي تتهمه بها تقتله …
أدرك أن غضبه الآن سوف يجعلها تبتعد أكثر وتهرب منه … ومن الواضح أنها تحاول استفزازه بملابسها وأسلوبها.. ألا يكفيه حربه من أجل سلامتها.. لقد أوقعه عنفه معها بشباك غضبها … ماجت عيناه بالغضب لحظات ثم وضع يديه بجيوبه ووقف باعتدال ناظرا إليها ببرود يقول:
-كنت متوقع إنك هتشتري الشركات بس خلي بالك عشان كده هتبنيها من جديد تقريبا …
عقدت حاجبيها مندهشة من أسلوبه الغريب ثم حاولت إثارة غضبه لتقول ببرود:
-ياريت تخليك في حالك أنا مطلبتش رأيك !!
جز على أسنانه ساحقا إياها كادت أن تبتسم حين وجدته هكذا يشتعل أمامها لكن أصعقها رده حين اقترب منها يتلمس ذراعيها العارييتين برفق يهمس بهدوء:
-و أنا بثق في شغلك يارنيم … ومتأكد إنك هترجعيها أحسن من الأول..
حدقت به كالبلهاء لحظات قبل أن تعقد حاجبيها متأففة من بروده تتحرك بغضب ناحية المرحاض وهو تُتمتم بكلمات مُبهمه الملحق بمكتبها.. ابتسم بهدوء قبل أن يدلف أخيه “سيف” قائلا باندهاش:
-غريبة بتعمل أيه هناا مش متخانق مع رنيم !!
أشار إليه بالصمت بغضب ثم اقترب منه يهمس له:
-سيف رنيم أخدت عمر النهارده.. وجايه هتتكلم مع المحامي عشان موضوع الشركات … انت لازم تتصرف وتوقفها.. الكلب ناصف أكيد لف عليها.. أنا مش عايزهم يستغلوها لو أخدوا منها مليم واحد أنا مش بعيد أقتلهم …
نظر إليه سيف بهدوء ثم قال بحزن هامسا له:
– لسه مقولتلهاش حاجة عن الحادثة !
تنهد بهدوء قائلا..
– مش هينفع أتكلم … رنيم لو عرفت هتتعامل عادي معايا مش هتعرف تمثل لكن طول مانا بلعب بالكلب ناصف ده ومحسسه إنه بيعرف كل حاجة عني وعنها وسهل يوقع بينا … الموضوع هيمشي زي م آآآ !
قطع كلماته موجها أنظاره إليها ليهلع حين وجدها بتلك الهيئة الشاحبة … يبدو وجهها وكأنها كانت تصارع بالداخل اندفع إليها يكور وجهها بيديه ناظرا إلى لبنيتيها بقلق يهمس لها:
-رنيم أنتِ بخير !!
نظرت إليه بحزن ثم تأففت تعود للخلف لتبتعد عن مرمى يديه ثم سارت بروية إلى مكتبها تحاول أن تتماسك قدر الإمكان أمامه تهمس بصوت هادئ:
-ياريت تسيبني أخلص اللي ورايا بسرعة !
نظر إلى “سيف” لحظات ليفهم الأخير نظراته ليرمش له مطمئنا إياه … ليخرج تاركا إياها حتي يكمل ما تبقى من عمله لينهي أمر تلك الأفاعي …
مرت عدة ساعات اصطحبت الأطفال بمكتبها حين وجدت الأعمال متراكمة هكذا.. أمضت الوقت بين الأوراق والعقود بمعاونة سيف الذي تولى أمرها معظم الوقت …
عادت برأسها إلى الخلف تفرك خصلاتها بإرهاق لتعود بجسدها أيضا إلى الخلف مغمضة عينيها بتعب … اعتدل “سيف” بجلسته وهو يضع مابيده أعلى المنضدة قائلا بإرهاق:
-رنيم أنا شايف كده كفايه أوي نكمل بكره.. وبعدين الولاد ناموا من بدري !!
أومأت بالإيجاب ثم اعتدلت تلملم أشيائها وهي تقول:
-فعلا … أنا كمان تعبت ومحتاجة أروح أرتاح..
وقف “سيف” يعاونها بحمل الطفلين ثم سار بجانبها وهو يقول بهدوء:
-هتروحي القصر معايا !!
عقدت حاجبيها ثم هزت رأسها تقول بغضب:
-لا أنا سيبته !!
اتسعت أعين “سيف” ثم قال باندهاش فور خروجهم من الاسانسير:
-و أيهم عارف كده !! أفتكر إنه مش ممكن يوافق !!
ابتسمت ببرود وفتحت باب السيارة لتضع الأطفال بحرص ثم أغلقت بهدوء وقالت:
– أنا مش مستنية منه إذن !! عاوزني أروح أنام جنب اللي قتل بابا وماما !!
أغمض “سيف” عينيه ثم اقترب منها ممسكا ذراعيها يقول يهدوء:
-رنيم أنا حاسس بيكي.. بس متنسيش إنك في أمان في القصر أكتر وبعدين مش يمكن أيهم قال كده لما ضغطي عليه !
عقدت حاجبيها لحظات ثم ضيقت عينيها وهي تنظر إليه قائلة:
-لا ياسيف أخوك ما أنكرش ده بالعكس …. وبعدين أمان أيه اللي بتتكلم عنه.. أنا وانت عارفين إن عيلة عمك كلها بتكرهني وكانوا هيقتلوا غمر وو آآآ

قاطعها بابتسامة هادئة يقول:

-و أيهم أنقذه منهم يارنيم !! مش كده !! يعني بيحاول يحافظ عليكم … صدقيني يارنيم أيهم معندوش أغلى منك !!

هبطت دموعها ثم همست بحزن وإرهاق:

تم نسخ الرابط