يقول أحد الشيوخ: في سنة 1994، مَرضتْ ابنتي
وفي الليلة السابعة لما وضعوا الطعام على المائدة وتحلقوا للعشاء امتنعت عن الطعام وبقيت صامتا لا أتكلم قال لي الرجل كل يا عم كل ما ألم بك ! قلت وبصوت مرتفع ونبرة حادة والله لن أذوق لكم طعاما إلا إذا أخبرتموني من أنتم ومن تكونون
أنت تخدمني طوال أسبوع كامل وأنا لا أعرفك تخدمني وتبالغ في إكرامي !! وأنا لم ألتقي بك سوى مرة واحدة في المستشفى !! من أنت !
قال يا عم كل هيا كل وبعد العشاء أخبرك قلت والله لن تدخل فمي لقمة واحدة ولن آكل طعامك إن لم تخبرني من أنت ومن تكون
حاول الرجل التهرب من الجواب لكنه وأمام إصراري أطرق برأسه قليلا ثم قال بنبرة خاڤتة يا عم إن كنت تذكر فأنا ذاك الطفل الذي أعطيته خمسة دنانير سنة 1964 عندما كنت أجلس خلفك في الحافلة أنا ابن فلان ابن فلان
لما سمعت الطفلان يتحدثان عن الفقر والحرمان بهذا الوعي الذي لا يدركه إلا الكبار تأثرت وضاقت علي الأرض بما
رحبت !!
وعلى
الفور أخرجت من جيبي خمسة دنانير وناولتها للصبي وقلت له خذ هذه الدنانير والمبلغ آنذاك يفي لشراء الأدوات المدرسية كلها
تهللت أسارير الطفل وتناول الدنانير الخمسة وابتسم ابتسامة الرضا والسرور ودسها في جيبه
ونسيت من يومها هذا الموقف مع ذاك الصبي
قال الرجل فأنا يا عم ذاك الصبي ولولا تلك الدنانير الزهيدة لما أصبحت اليوم بروفيسورا في أكبر مستشفى بالجزائر
وها قد التقينا بعد أن من الله علي بأعلى المراتب في أنبل وأشرف المهن فقد افترقنا سنة 1964 وها نحن نلتقي سنة 1994 بعد 30 سنة بالتمام والكمال !!
يا عم الدنانير الخمسة التي أعطيتها لي صنعت مني بروفيسورا في الطب
يا عم والله لو أعطاني أحد كنوز الدنيا لما فرحت بها الآن كفرحي يومها بتلك الدنانير الزهيدة
يا عم أفضالك علي كبيرة والله مهما فعلت فلن أرد لك الجميل
فأسأل الله أن يجازيك خير الجزاء
فأكثروا إخواني من فعل الخير ومساعدة الآخرين والصدقة ولو بالقليل ففيها من البركة والخير الكثير في الدنيا والأجر الكبير في الآخرة